أُكذوبة

أُكذوبة
أُكذوبة

الكاتبة نور مؤيد عوّاد

بلغتُ الثامنة والعشرين من العُمر ، لا أتقن شيئاً في حياتي سوى الكتابة.

لستُ إلّا هاوية ، تُحاور أوراقاً كانت صمّاء حتى وهبتها الحياة ، أخلق من حروفي مشاهد ، قد يعيشها البعض .

كان تشجيع مَن حولي لي هو الداعم لبدايتي ، كانت أراؤهم تُغرقني بالمدح والإطراء، والآن ؛ السؤال الذي أودّ أن أجد إجابته هنا : هل كان ما يُعجبهم هو ما تكتبه نور القريبة والصديقة والرفيقة ، أم النص بحد ذاته لكاتبةٍ غريبة أيّاً كان اسمها !

فسأنشر لمن لا يعرفني .

أتقبل النقد البنّاء ، الذي قد يجعل مني كاتبة يوماً ما ..

نص بعنوان: أُكذوبة

قلتَ أنني تغيرت !

هه … نعم ، تغيرتُ قليلاً !

فلو أنكَ عايشتَ كل ما حدث لي ؛ لعذرتني !

و رأيتَ تغيراتي هذه لا شيء ، عمّا كان يُفتَرض أن أصير عليه !

فانظر إليّ ؛ ما زلتُ أستطيع الكتابة ، و أُتقِن التخيّل ، و مازلت في كتاباتي كما وصفتني يوماً ، أكذبُ ببراعة !

فبإمكاني أن أقنعكَ بِإحدى نصوصي أن حديث العصر – كورونا – ليس إلّا فانتازيا الشرق ، اختلقها رجلٌ تعبَ من العمل واشتاق لحضن عائلته ، فلم يجد وسيلة لذلك الّا بهذه الخرافة !

و من جهة أخرى، باستطاعتي وصف الملل الذي يعيشه الرجل ذاته بعد مكوثه في بيته ما يُقارب الثلاثين يوماً !

فهو يشتم اليوم الذي اختلق فيه هذه الأكذوبة !

أرأيتَ كيف صدّقتني !

فأنتَ الآن تُحاول إقناعي أنها حقيقة وليست أكذوبة الرجل ، على الرغم من أنني متأكدة أنها حقيقة !

و لو أنني الآن بدأتُ أصف لكَ حُزني ببراعةٍ تُجبِرُكَ على البكاء ، و أنا لستُ حزينة !

أو أن أختلق لكَ طرفة وكأنها حدثت معي ، فأقصها لك و أنا ألهثُ ضاحكةً ، فأجعل أنفاسكَ تختفي من الضحك ، و لكنها لم تحدث !

بإمكاني يا سيدي أن ألتقط أجمل مشهدٍ من وسط خَرابةٍ حولي ، وأجعلكَ تصدق أنني أعيش المشهد بتفاصيله !

و أن أصف لكَ ثيابي المبللة من المطر وارتجاف شفتيّ من البرد القارس ، وحاجتي إلى موقد نارٍ و كوب قهوةٍ ساخنة ، وتصدقني ؛

على الرغم من أننا قد نكون في منتصف أيلول !

ولو بدأتُ بوصف حالتي بعد فراقنا ، لأسهبتُ في حديثي الكاذب ، حتى أستَفِزُ دموع الحجر والشجر ، و دموع أرصفة الشوارع التي شهدت لقاءاتنا ، و المقاعد الخشبية ، والمطر ؛

فحتى الجمادات ؛ ستصدقني !

لكن ما أخشاه حقاً ؛ بأنكَ حين تقرأ رسالتي هذه ، أن تُصدّقني !

فإيّاك …!

كُن وفيّاً لكلمتِكَ الأولى و قل ” تكذبُ ببراعة ” فليست هذه الرسالة الا حروف خرجت من مللِ سيفٍ يخوض حرباً ، فيُمزّق كل ما هو أمامه ، حتى وصلتك منها أشلاء مُبعثرة !

فلا تصدّقني !

وبعد كل أجزاء هذا النص ، من بدايته حتى جزئه الأخير ؛ لا تنسَ أنني ، أكذب ببراعة !

يمكن متابعة كتابات الكاتبة نور مؤيد عوّاد عبر حسابها الشخصي على موقع الفيسبوك من خلال الرابط التالي:

https://m.facebook.com/khrbshat.noor.awwad/

يمكن قراءة المزيد من النصوص الأدبية وعدة أمور في عالم الأدب من خلال الرابط التالي:

https://jordanrec.com/archives/category/arabic-literature


زر الذهاب إلى الأعلى
Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

يبدو أنك تستخدم أداة لحظر الإعلانات. نحن نعتمد على الإعلانات كمصدر تمويل لموقعنا الإلكتروني.

Powered By
100% Free SEO Tools - Tool Kits PRO

أنت تستخدم أداة مانع الإعلانات

نحن نحاول تقديم المحتوى الأفضل لك ، وحجب الإعلانات من قبلك لا يساعدنا على الإستمرار ، شكراً لتفهمك ، وعذراً على الإزعاج