الموت الأول

الموت الأول
الموت الأول

الكاتبة نور مؤيد عوّاد

بلغتُ الثامنة والعشرين من العُمر ، لا أتقن شيئاً في حياتي سوى الكتابة.

لستُ إلّا هاوية ، تُحاور أوراقاً كانت صمّاء حتى وهبتها الحياة ،

أخلق من حروفي مشاهد ، قد يعيشها البعض.

كان تشجيع مَن حولي لي هو الداعم لبدايتي ، كانت أراؤهم تُغرقني بالمدح والإطراء ، والآن ؛ السؤال الذي أودّ أن أجد إجابته هنا : هل كان ما يُعجبهم هو ما تكتبه نور القريبة والصديقة والرفيقة ، أم النص بحد ذاته لكاتبةٍ غريبة أيّاً كان اسمها !

فسأنشر لمن لا يعرفني .

نص بعنوان: الموت الأول

سيدة حزينة تقف على حافة الطريق، أظنها خمسينية أو أكثر، ترتدي طقماً بني اللون، أشارت بيدها لي فتوقفت وفتحت النافذة، طلبت مني أن أوصلها إلى المستشفى الفلاني، استغربت طلبها فسيارتي ليست عمومية، قالت وصوتها يرتجف أنها تقف منذ فترة طويلة تنتظر تاكسي ، ولم يأتِ !

سمحتُ لها بالركوب، وأثناء رحلتنا فهمت أن ابنها في العناية المشددة منذ أمس، و ان الأطباء أخبروها أن أيامه معدودة، و انهارت بالبكاء، ثم رنّ هاتفها وكنّا قد اوشكنا على الوصول، و دار حديث حاد مع المتصل من الجهة الأخرى ، كان صوت رجل يطلب منها أن تعود إلى المنزل، وهي تصرخ أنها تريد أن ترى ابنها ، و كان الصوت في الهاتف ما زال يطلب منها العودة ثم بدأ بالهدوء !

سألتها هل أرجعها الى بيتها أم لا ! فوافقت أن أرجعها وهي تبكي و تدعو أن يكون خيراً .

أوصلتها إلى بيتها فكان ينتظرها رجلٌ و فتاتان على باب العمارة ، جاءت الفتاتان وأخذتا السيدة إلى الداخل ، ذهبتُ للرجل أسأله إن كان هناك مشكلة !

قال لي وهو يختنق بعَبرةٍ في عيونه : الموت الأول في العائلة ؛ يقلب موازينها رأساً على عقب !

هي تحب إبننا كثيراً ، حتى أنها كل يوم تخرج من منزلها ذاهبة لرؤيته في المشفى ، بالرغم من أنّه قد دُفِن منذ أسبوعين !!

لم أقل شيئاً أبداً ، بقيتُ أنظر إليه بذهول ، حيّاني و دخل إلى منزله ..!

كم هو شعور قاسٍ !

أنتَ بعقلك وتعلم جيداً ما حدث ولكنك لا تريد أن تصدّق ، فتعيش الكذبة التي اختلقتها في مخيلتك على أنّها حقيقة !

تظن أنه حلم وقد تصحو منه اليوم أو غداً أو بعد الغد ، لكنك ستصحو وتجد كل شيء عاد إلى طبيعته بسلام !

يمكن متابعة كتابات الكاتبة نور مؤيد عوّاد عبر صفحة خاصة لها على موقع الفيسبوك من خلال الرابط التالي:

https://m.facebook.com/khrbshat.noor.awwad/?ref=bookmarks

يمكن قراءة المزيد من النصوص الأدبية وعدة أمور في عالم الأدب من خلال الرابط التالي:

https://jordanrec.com/archives/category/arabic-literature

زر الذهاب إلى الأعلى
Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

يبدو أنك تستخدم أداة لحظر الإعلانات. نحن نعتمد على الإعلانات كمصدر تمويل لموقعنا الإلكتروني.

Powered By
Best Wordpress Adblock Detecting Plugin | CHP Adblock

أنت تستخدم أداة مانع الإعلانات

نحن نحاول تقديم المحتوى الأفضل لك ، وحجب الإعلانات من قبلك لا يساعدنا على الإستمرار ، شكراً لتفهمك ، وعذراً على الإزعاج