حادث سير

الكاتبة نور مؤيد عوّاد
بلغتُ الثامنة والعشرين من العُمر ، لا أتقن شيئاً في حياتي سوى الكتابة.
لستُ إلّا هاوية ، تُحاور أوراقاً كانت صمّاء حتى وهبتها الحياة ، أخلق من حروفي مشاهد ، قد يعيشها البعض .
كان تشجيع مَن حولي لي هو الداعم لبدايتي ، كانت أراؤهم تُغرقني بالمدح والإطراء، والآن ؛ السؤال الذي أودّ أن أجد إجابته هنا : هل كان ما يُعجبهم هو ما تكتبه نور القريبة والصديقة والرفيقة ، أم النص بحد ذاته لكاتبةٍ غريبة أيّاً كان اسمها !
فسأنشر لمن لا يعرفني .
أتقبل النقد البنّاء ، الذي قد يجعل مني كاتبة يوماً ما ..
نص بعنوان: حادث سير
اسْتَمِعْ إلى عقارب الساعة ؛ فهي الآن تشير إلى لحظةِ لقاء أعيننا من بين مئة عابر ..!
كنّا كالمجانين ، نُحادِث أرصفة الشارع ضاحكين ، اذكر حين تواعدنا أن نلتقي للمرة الأولى ، قلتَ لي أنكَ ستكونَ حاملاً بيدك وردة .
ما أن وجدتكَ حتى أسرعتُ إليكَ بلهفة ، لم أكن أرى أحداً حولي سواك . وصلتُ إليكَ و عرّفتُك بنفسي ، و من هنا بدأت قصّتنا .
كانت مشاويرنا دائماً تحت القمر ، وفي يوم كنتَ تنظر إلى النجوم وتُعطي كل نجمة إسم أحد أبنائنا ، قلتَ هذا بكرنا ” علي ” ، وهذه ” فرح” ، و تلك القريبة من القمر هي ” جوري ” .
اتفقنا على ذكرٍ و أنثَيين !
واتفقنا أن يكون يوم زفافنا في أحد أشهر الربيع ، لتصنع لي باقة العروس من أرض بيتنا التي ستُزهر حينها !
و قلتَ أن بيتنا سيكون واحداً من تلك القصور العتيقة المحاطة بالزرع من كل ناحية !
لنخرج كل يوم في الصبّاح نقطِف الفاكهة والزهور .
وحين نشيب سويّاً ؛ سيكون حولنا أحفادنا نتعكز على كَبيرهم ، حتى نصل إلى مقاعدنا الخشبية في حديقتنا !
تعاهدنا أن أتولى أنا تدريسهم النًحو والأدب والتاريخ وأنت ستُعطيهم دروس الحساب والموسيقى !
و في يوم ما ، سيأتينا حفيدنا الأول حاملاً شهادة التفوق الدراسي وتُعطيه مبلغاً من المال لِتُكافئه ، ثم سيُقَبّل يدك ويدي ويذهب في طريقه !
رسمتُ هذه الحياة كلّها في مُخيّلتي ، و كنتُ سأقصّها عليك ، لو أنني لم أكن مسرعة يوم لقائنا الأول و لو أنني تنبهتُ لزامور تلك المركبة التي رمتني مِن رصيفٍ بيني وبينك دقيقة إلى رصيفٍ يبعد عنك ألف عام ، حتى استيقظتُ على صوت الطبيب يقول : ” كان الحادثُ قويّاً ، ولم نستطع إنقاذ الفتاة ، البقاء لله “
يمكن متابعة كتابات الكاتبة نور مؤيد عوّاد عبر حسابها الشخصي على موقع الفيسبوك من خلال الرابط التالي:
https://m.facebook.com/khrbshat.noor.awwad/?ref=bookmarks
يمكن قراءة المزيد من النصوص الأدبية وعدة أمور في عالم الأدب من خلال الرابط التالي: