الندم

الندم
الندم

الكاتبة نور مؤيد عوّاد

بلغتُ الثامنة والعشرين من العُمر ، لا أتقن شيئاً في حياتي سوى الكتابة.

لستُ إلّا هاوية ، تُحاور أوراقاً كانت صمّاء حتى وهبتها الحياة ، أخلق من حروفي مشاهد ، قد يعيشها البعض .

كان تشجيع مَن حولي لي هو الداعم لبدايتي ، كانت أراؤهم تُغرقني بالمدح والإطراء.

والآن ؛ السؤال الذي أودّ أن أجد إجابته هنا : هل كان ما يُعجبهم هو ما تكتبه نور القريبة والصديقة والرفيقة ، أم النص بحد ذاته لكاتبةٍ غريبة أيّاً كان اسمها !

فسأنشر لمن لا يعرفني .أتقبل النقد البنّاء ، الذي قد يجعل مني كاتبة يوماً ما ..

نص بعنوان: الندم

لم تدرس القانون – التخصص الذي حلمتْ بهِ منذ طفولتها – لأنها اختارتْ الجامعة القريبة من مسكنها ، و لم يكن متاحاً فيها !

قالت لي بيأس :

” ليتني اخترتُ الجامعة البعيدة فكان القانون أولَ خيارٍ متاحاً لي ! “

ثمّ تابعت :

” كانتا عبارتين ؛ أكثر ما ينطقه لسان عقلي : ” ليتني فعلتُ و ليتني لم أفعلْ ” !

في دراستي ووظيفتي وحياتي كلها ، دائماً ما كنتُ أنا الطرف المُتردّد ، الذي يندم على ما فعله أو لم يفعله !

ليتني وافقتُ على تلك الوظيفة ، و إن كانت لا تمت بصلةٍ لشهادتي الجامعية !

ليتني لم أغير سكني ذلك ، فكانت الحديقة فيه من كل جانب !

ليتني التقطتُ صورةً تذكارية لصديقتي المقرّبة قبل وفاتها !

وليتني لم أتجاوز الخط الوهميّ الذي أرسمه في بداية علاقاتي مع الناس !

إلاّ في علاقتي معه ، ليتني رسمتُ ذلك الخط حقيقياً بل وحفرته بالصخر ، كي لا تمحوه كلمة أو أغنية أو حتى نظرة !

كانت تلك الغريبة ضعيفة حينها ، كانت هي التي تُعطي ببذخ ، و لا تنظر أبعد من مسافة حُبّها ، و لم ترَ المستقبل الذي سيصبحان فيه غرباء !

تأتيها الذكريات بالصور و الأغنيات ، فتلعن نفسها ألف مرة على سذاجتها
كيف ذوقها تشبّع بذوقه !

هي لم تكن تتابع يوماً برنامجاً وثائقياً عن الفلامنجو ، ولكنّها تابعته !

ولا تحتمل فكرة أن تقرأ كتاب ، حتى أهديتها كتاباً ، فحفظت أسطره غيباً !

وذلك النوع من الموسيقى المزعجة ، كانت ضجيجاً لا يُفهَم ، حتى أسمعتَها واحدة تُعجبك !

ثم بعد ذلك كلّه ، أنتما الآن غريبَان !

هي نادمة على أفعالٍ أشعرتها بالندم ، والآن تحاول قدر استطاعتها تجنُّب الشعور به ، فقد عاشت تفاصيله القاسية كلّها معك !

كم قاسياً شعور الندم ! بكل أشكاله وعلى كل أوجهه ، صعوبته وقسوته بأنك تشعر به وحدك ، تشعر بغصة تمتد من أسفل صدرك وحتى الحلق.

هناك ما يتسلل إلى عمق روحك و يطوِّق أغلالاً حول عُنقك ، ترغب بأن تبكي ، لكنك تُكابر ، حتى لا يراكَ أحداً وأنتَ تتعرى من ثياب القوة التي تمثّلها كلما ذكّرَكَ أحدهم بتلك التفاصيل الدقيقة التي جعلت من قصّتك الصغيرة ، روايةً تُحكى بألف شعور !

يمكن متابعة كتابات الكاتبة نور مؤيد عوّاد عبر حسابها الشخصي على موقع الفيسبوك من خلال الضغط هنا

يمكن قراءة المزيد من النصوص الأدبية وعدة أمور في عالم الأدب من خلال الضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم أداة مانع الإعلانات

نحن نحاول تقديم المحتوى الأفضل لك ، وحجب الإعلانات من قبلك لا يساعدنا على الإستمرار ، شكراً لتفهمك ، وعذراً على الإزعاج