لم أكن أصم

لم أكن أصم
لم أكن أصم

لم أكن أصم

الكاتبة روان رياض كتكت

نص بعنوان: لم أكن أصم

إلى العالم من بعد أمي

أما بعد

لم أكن لا أصم ولا كفيف، ربما يمكن تصنيفي كصامت لكنني كنت أعي وأرى وليتني لم أكن.

أنا حُسام، هكذا أسمع أمي تناديني رغم أن البقية يطلقون علي المتوحد حتى أنني وللحظة ظننت أن هذا اسمي.

لقد كلفتني هذه الرسالة خمسة عشر عامًا بتعلم الكتابة ثم خمسة أعوام لأستطيع معرفة كيف أكوّن جملي.

رسالتي بكلمات بسيطة وأخطاء املائية عديدة، لكنني متأكد أن أمي سترمم ضعفي من جديد لتقدمني للناس كشخص مميز.

أملك أخوين لا أنتمي لهما وأب يأبى أن أنتمي له لكوني متوحد صامت عاجز عن الكلام، أصرخ من أي ضجة لذلك يتم إجلائي إلى بيت جدتي في المناسبات والجمعات والرحلات.

كانت الأصوات تتداخل برأسي، أشعر أن كومة نمل تنخر في أذناي فأضع يداي عليهما دائمًا لمنع تسرب بقية السرب إليهما وحين أفشل أصرخ وأبكي حتى أسبب الحرج للعائلة التي تفضل الإنسحاب وهي تلعنّي.

لم أكن ناقمًا على البشرية رغم شعوري بأنني أنتمي لغير جنسهم لكنني كنت سأكتفي بصديق واحد، بعلاقة آمنة واحدة، وبصوت واحد لكن لم يحدث أن التفت أحد إليّ غير أمي.

أمي امرأة عظيمة، لا أحفظ تقاسيم وجهها جيدًا لكن رائحتها مألوفة لديّ، أشعر بالأمان حين تكون بالأرجاء.

كنت أعي وأسمع صراخ أبي عليها بأن تتركني بتوحدي ويكفي صرف المزيد من الأموال عليّ بالمراكز ومعلمات الخصوصي، وكنت أعي سخرية أخواي مني كأنني أحد ألعابهما العديدة التي رفضوا دائمًا أن أقترب منها.

كانت ترممني دائمًا، تعلم ما أريد دون أن يضطرني ذلك إلى إحضار الصور والإشارة إلى ما أريد سواء ماء أو طعام أو أو أو.

لكن الجميع كان يهدم ما تحاول أن تبنيه.

لم أندمج مع عالمكم، كلانا من عالم مغاير رغم أننا ولدنا لنفس الرحم وبنفس العملية إلا أن عملية دمجي معكم فشلت دائمًا.

كنت دائمًا أرى نفسي طائرًا يحاول التحليق بإطلاق يديه كجناحيّ عصفور علهما ذات يوم تحلقان، خمسة وعشرون عامًا من ترويضهما على عملية الطيران لكنها وأيضًا باءت بالفشل.

لم أكتب هذه الرسالة لأستنطق مجرى الدمع في عيونكم وإنما لأستنطق مشاعركم ولأزيل بقلمي الذي استبدلت حنجرتي به أن تكفّوا عنا نظرات شفقتكم فنحن نعي.

أستميحكِ عذرًا يا أمي لكنني هذا أنا لا أصم ولا كفيف لكنني طفلك الذي خلقتِ منه مميزًا، والذي اندمج في مجتمع يتكون من عنصر واحد هو أنت واكتفيت بكِ عن العالمين.

يمكن متابعة كتابات الكاتبة روان رياض كتكت عبر حسابها الشخصي على موقع الفيسبوك من خلال الضغط هنا

يمكن قراءة المزيد من النصوص الأدبية وعدة أمور في عالم الأدب من خلال الضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى
Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

يبدو أنك تستخدم أداة لحظر الإعلانات. نحن نعتمد على الإعلانات كمصدر تمويل لموقعنا الإلكتروني.

Powered By
100% Free SEO Tools - Tool Kits PRO

أنت تستخدم أداة مانع الإعلانات

نحن نحاول تقديم المحتوى الأفضل لك ، وحجب الإعلانات من قبلك لا يساعدنا على الإستمرار ، شكراً لتفهمك ، وعذراً على الإزعاج