لو كان الفقر
الكاتبة نور مؤيد عوّاد
بلغتُ الثامنة والعشرين من العُمر ، لا أتقن شيئاً في حياتي سوى الكتابة.
لستُ إلّا هاوية ، تُحاور أوراقاً كانت صمّاء حتى وهبتها الحياة ، أخلق من حروفي مشاهد ، قد يعيشها البعض .
كان تشجيع مَن حولي لي هو الداعم لبدايتي ، كانت أراؤهم تُغرقني بالمدح والإطراء.
والآن ؛ السؤال الذي أودّ أن أجد إجابته هنا : هل كان ما يُعجبهم هو ما تكتبه نور القريبة والصديقة والرفيقة ، أم النص بحد ذاته لكاتبةٍ غريبة أيّاً كان اسمها !
فسأنشر لمن لا يعرفني .أتقبل النقد البنّاء ، الذي قد يجعل مني كاتبة يوماً ما ..
نص بعنوان: لو كان الفقر
صففتُ سيارتي أمام بقالة.
كانا طفلَين، أحدهما قريبي، الذي نزل و دخل إلى البقالة ليشتري، و الآخر يقف بعيداً يحمل بيده باكيت من الكعك المُغلَّف.
اقترب بعد أن تأكد أن قريبي قد أصبح في منتصف البقالة و جاء يعرض عليّ أن أشتري منه .
كان يبيع القطعة بربعِ الدينار، شكرته، وحين خرج قريبي ضحك للفتى البائع واقترب نحوه ليُصافحه.
نظر الطفل البائع في الأرض أعرض عنه و ركض بالاتجاه المُعاكس، ركض حتى اختفى بين زوايا الحي، وقريبي يُنادي باسمه ..!
وبعد أن يئس من الإجابة ركب السيارة و هو يتساءل لماذا هرب منه !
كان زميله في المدرسة، و يعرفه جيداً، قال لي: ” لا يُحضِر مصروفاً معه، و أعدّه المُرشد من الطلّاب المُحتاجين ..!
” صمت قليلاً ثم قال : ” لماذا هرب منّي ! نحن أصدقاء ..! “
تنهدتُ وتابعتُ الطريق إلى المنزل بصمت وسط حديثه عن صديقه ذاك، ووصفه لصداقتهما !
يا طفلي؛ هو لم يهرب منك أنت، بل هرب من ذاته، هرب من واقعه المؤلم، وحياته القاسية ..!
هرب من الفقر، و الحاجة ..!
هرب من الخوف، والحزن !
هرب من النظرات، لطفلٍ لم يتجاوز العاشرة، وأصبح يُصارع الشوارع والبائعين !
كم من طفلٍ يعيش حياةً لا يستحق أن يُعاني فيها إلى هذا الحد ! كم الحياة قاسية !
صدقاً، ” لو كان الفقر ” جسداً، لوضعته تحت أقدام الفقراء الراقصة، وأقمنا حفل الانتصار عليه ..!
يمكن متابعة كتابات الكاتبة نور مؤيد عوّاد عبر حسابها الشخصي على موقع الفيسبوك من خلال الضغط هنا
يمكن قراءة المزيد من النصوص الأدبية وعدة أمور في عالم الأدب من خلال الضغط هنا
