دور التكنولوجيا في تجاوز الاكتئاب الشتوي خلال الجائحة

دور التكنولوجيا في تجاوز الاكتئاب الشتوي خلال الجائحة
دور التكنولوجيا في تجاوز الاكتئاب الشتوي خلال الجائحة

دور التكنولوجيا في تجاوز الاكتئاب الشتوي خلال الجائحة

يعاني بعض الأشخاص من الاكتئاب خلال فصل الشتاء، إلا أنه هذا العام سوف تكون المشكلة مضاعفة، وذلك بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.

وقد ساهم فيروس كورونا بشكل فعلي في زيادة الشعور بالتوتر عند الأشخاص لمستويات تاريخية، فهناك أكثر من ثلاثة أرباع الأشخاص المستجيبين للاستطلاع السنوي الذي قامت به جمعية الطب النفسي الأمريكية قد قالوا أن جائحة كورونا من المصادر الكبرى لشعورهم بالتوتر.

والأهم من كل ذلك أن هذه الجائحة غير معروف متى سوف تنتهي، فبعد أن انخفضت أعداد الإصابات الجديدة لفترة زمنية جيدة تم تسجيل حالات جديدة وبأعداد مرتفعة بشكل كبير، وقد عبر العلماء عن شعورهم بالقلق في حال استمرار الجائحة حتى نهاية فصل الشتاء.

ووضح العلماء أن انخفاض درجات الحرارة سوف يدفع عدد أكبر من الأشخاص إلى البقاء في المنازل، وهذا سوف يؤدي إلى زيادة أعداد الإصابات بالفيروس.

وتقول عالمة النفس دورين دودجن ماغي أن البقاء داخل المنازل والانعزال بشكل كبير قد يدفع الأفراد إلى الشاشات من أجل الترفيه والإلهاء.

ومن الممكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تشكيل ضغط على الجميع، لأنه من المعروف أن الاختلاط الاجتماعي مفيد للصحة العقلية.

وتقول دودجن ماغي: “تعد شاشاتنا وسيلة إلهاء سهلة لدرجة أننا سلمنا أنفسنا لفكرة أنها تشبعنا بالفعل، وهي كذلك في بعض الأحيان، لكن ليس على الدوام”.

وبالرغم من ذلك فهي تقر بأنه يعتبر أمر غير واقعي أبدًا أن يتخلى الأشخاص عن هواتفهم وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، خاصة أن الكثير من الأفراد يعملون في الوقت الحالي من المنازل، والأمر الذي يحتاجه الناس حقًّا هو أن ينحسر كل من الوباء والأزمة الاقتصادية أو وصول نهاية كل منهما، وهذا الأمر لن يدث إلا من خلال القيادة والسياسة.

وهذا الشتاء سوف يختبر قدرة الأشخاص على التحمل، لذلك فمن الضروري البدء بالاستعداد له من الآن. ويوجد عدة طرق يمكن من خلالها استخدام التكنولوجيا دون وقوع أي أضرار على الصحة العقلية، وتساعد التكنولوجيا على الاقتراب أكثر من العائلة ومن الأصادقاء. وعند الحاجة إلى ذلك فإنه من الممكن الابتعاد عن هذه الأجهزة دون حدوث أي تدمبر للعمل أو للدراسة، وفيما يلي طريقة لذلك.

1. فصل تكنولوجيا العمل عن تكنولوجيا الفرح

لقد ساهمت كورونا في طمس الحدود التي تفصل ما بين العمل والحياة الشخصية، فمن الممكن القيام باستخدام ذات المنصة للاجتماعات الأسبوعية مع رئيس العمل وأيضًا لقضاء ساعات من التحدث مع الأصدقاء، إلا أن الأجواء ينبغي أن تكون مختلفة.

ومن الواجب أن تكون المساحة المادية التي يتم استخدامها من أجل الالتقاء الرقمي مع الأصدقاء مختلفة عن التي يتم استخدامها في العمل، وفقًا لقول د.لين بوفكا.

وتقول بوفكا: “في حين أن الإعداد قد يكون ملائمًا في مكتبك بالمنزل، إذا كنت محظوظًا لامتلاك مكتب في منزلك، فلا تقم بالتواصل الاجتماعي في نفس المكان، لكي تحصل على الأقل على استراحة بين العلم والأنشطة الاجتماعية”.

وفي حالة عدم وجود مساحة كافية في المنزل من أجل ذلك فإنه من الممكن القيام بتزيين المساحة عند محادثة الأصدقاء، ويمكن القيام بذلك عن طريق وضع إضاءة الشموع أو القيام بتغيير شدة الإضاءة فهذا الأمر يساعد على الشعور بالاسترخاء وفق قول بوكا. ويعتبر الفصل ما بين العمل وبين بيئات المرح من الأمور التي تخفف من الرتابة.

كما تقترح دودجن ماغي القيام بتخصيص أماكن معينة في المنزل للشاشات بأنواع مختلفة، مع القيام بتوفير مكان خالٍ من الشاشات. مثلًا غرفة النوم من الممكن أن يتم منع استخدام الهواتف فيها، وذلك من أجل منح الشخص فرصة لإعادة الشحن الذهني بعيدًا عن الأجهزة والشاشات.

2. قد يكون اتصال الفيديو سببًا في الاكتئاب الشتوي

في بداية انتقال الجميع إلى العمل عن بُعد كان يوجد تركيز كبير على مؤتمرات الفيديو وفق لبوفكا. أما الآن فإن جمعية علم النفس الأمريكية تسجع الناس على القيام بتقييم إذا كانت هذه الاجتماعات هامة أو أنه يمكن استبدالها بمكالمات هاتفية.

وذلك لأن النشاط البدني يعتبر أمرًا أساسيًّا للصحة الجيدة، ونظرًا لأن الأغلب الآن يعمل عن بُعد فليس لديهم وقت للقيام بممارسة أي نشاط بدني.

وتقول بوفكا أن مكالمات الفيديو تؤدي إلى تقييد وجود الأفراد في مكان واحد، أما المكامت الهاتفية فيمكن للشخص أن يتنقل خلالها من مكان إلى آخر.

وتنصح بوفكا مَن يعيش بالقرب من أماكن ذات أجواء طبيعية بقضاء الوقت هناك لأن ذلك يردي إلى تعزيز الصحة العقلية.

ويمكن القيام بإجراء مكالمة الفيديو في الخارج، لكن هذا الأمر يحتاج وجود عدة مهارات معرفية مختلفة عن التي يحتاجها عند المكالمة الهاتفية كما تقول بوفكا.

وفي مكالمة الفيديو فإن الشخص قد يبحث عن إشارات مرئية من الأفراد المشاركين، ويقوم بعينه بتفحص عدة شاشات موجودة أمامه، إلا أن المكالمة الهاتفية لا تحتاج بذل أي طاقة عقلية من أجل القيام بتفسير تعابير الناس.

وفي حالة عدم وجود خيار للتواصل من خلال الصوت فقط، فإنه من الممكن محاولة تحسين التجربة من أجل تقليل العبء على الصحة العقلية، وقد يكون من الصعب القيام بالتركيز على أفراد آخرين خلال مكالمة الفيديو إذا كان وجه الطرف الآخر يحتل نصف الشاشة، كما تقول دودجن ماغي.

كما أنه من الممكن القيام بإخفاء الصور خلال مكالمة الفيديو في حال أن العمل يسمح ذلك.

3. نظّم وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك

يمكن القيام بتحويل الحسابات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أماكن تساعد على الشعور بالسعادة، ويمكن القيام بالاشتراك مع حسابات وصفحات ذات محتوى مضحك. وتقول أن الحسابات التي تبعث السعادة تجعل الإنسان يشعر بشكل مستمر بالرضا، وهذا يوفر استراحة للذهن من المحتوى الثقيل مثل أخبار السياسة.

واقترحت دودجن ماغي القيام بإضافة حسابات تدعم قبول النفس ولا تدفع الشخص لمقارنة نفسه بالآخرين، وتوصي ماغي إلى القيام بالبحث عن مواقع على الانترنت تساعد على تعزيز الإيجابية الجسدية.

ومن الممكن أيضًا القيام بإلغاء متابعة الحسابات التي تؤدي إلى الشعور بالقلق أو الضيق أو التوتر، وأيضًا الحسابات التي تؤدي إلى الغضب أو الانفعال كما تقول بوفكا، ومن الأمور التي تشير إلى ذلك التنفس بشكل سريع أو وجود صعوبة في التركيز.

4. تجنب التمرير المهلك

إذا وجد الشخص نفسه يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي ويقوم باستهلاك الأخبار السيئة إلى ما لا نهاية فهو صحية للتمرير المهلك.

تقول بوفكا: “عندما نشعر بالقلق حيال شيء ما، فإننا نميل إلى البحث عن معلومات لتهدئة قلقنا. ومع ذلك، في الوقت الحالي، نميل إلى الانغماس أكثر في دورة إخبارية مقلقة وتصبح مجرد حلقة سلبية”.

ودودجن ماغي تقول بالمثل أنه عندما تكون الحياة من نفس الروتين اليومي، فإنه عندها من الممكن الشعور بالاكتئاب والرتابة. وعند الانغماس في التمرير المهلك فإن الشخص غالبا ما يبحث عن زيادة في الكثافة العاطفية من أجل التمييز بين الأوجه التي تتشابه في الحياة.

والتمرير في بدايته يجعل الإنسان يشعر بالرضا، لكنه في النهاية يضر الصحية العقلية، وتقول ماغي: “يمنحنا التمرير المهلك هذا الدفعة من الدوبامين ف كل مرة نجد فيها شيئًا آخر مثيرًا للغضب أو الإحباط أو اليأس. هذا يبدو وكأنه يمنحنا لمسة من العاطفة لكنه في الواقع يؤلمنا”.

ومن أجل الحماية من عملية التمرير المتكررة، فالخطوة الأولى لذلك كما تقول بروفكا هي القيام بالتعرف على الوقت الذي نشعر فيه بعدم الاستقرار وما نريد أن يتم تحقيقه عند التمرير المستمر في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

وبمجرد القيام بمعرفة تلك الدورة فإنه يجب تجنبها قدر المستطاع مثل ما توصي بوفكا. ويجب المحاولة بضبط الوقت والابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي عند سماع رنينه.

5. استخدم الشاشات في التواصل مع الأصدقاء والعائلة

من الممكن أن تكون الشاشات سببًا للعزلة، إلا أن بنفس الوقت من الممكن أن تساعد الإنسان على أن يقترب أكثر من معارفه.

تقوم دودجن ماغي باستخدام تجارب Airbnb من خلال النترنت من أجل قضاء الوقت مع عائلتها الموجودة في عدة ولايات مختلفة. ويوجد مجموعة خبرات متنوعة من دروس في الرقص إلى رحلات افتراضية في الخارج من أجل تحقيق قن الشارع في بلد معين إلى عروض السحر.

ويقوم كل شخص بدفع مبلغ محدد لكل فصل، وقد قامت دودن ماغي بإنشاء نادي افتراضي للكتب مع ابنة أختها، تقومان من خلاله بقراءة الكتب نفسها ثم مناقشتها من خلال الانترنت.

وتقترح ماغي القيام بالخروج جسديًّا للعالم بشيء مثل مطاردة الصور، ويمكن فعل ذلك مع البالغين أو مع الأطفال، ويقوم شخص بإنشاء قائمة تحتوي على الأماكن التي يجب القيام بزيارتها، وتحدث منافسة بين المجموعات أو الأشخاص من أجل السفر إليها كلها في البداية مع وجود صورة تحتوي على ختم زمني ليثبت وجودهم في المكان، ثم يحدث اجتماع للجميع من خلال مكالمة فيديو من أجل التحدث عن تجاربهم والقيام بمقارنة الصور.

وفي النهاية يعتبر الاختلاط الاجتماعي يعتبر أمر هام جدًّا خاصة في العلاقات الاجتماعية، وتقول دودجن ماغي: “التأكد من أننا نتواصل مع الناس، سيكون ضروريًّا لصحتنا”.

والأهم من ذلك أن موعد وآلية نهاية جائحة كورونا غير معروفة حتى الآن، فبعد أن انخفضت أعداد الإصابات الجديدة لمدة زمنية عادت بالارتفاع من جديد، وقد عبر العلماء عن قلقهم من أن تستمر جائحة كورونا حتى نهاية فصل الشتاء.

وهكذا نكون قد تعرفنا على دور التكنولوجيا في تجاوز الاكتئاب الشتوي خلال الجائحة التي يشهدها العالم بسبب تفشي فيروس كورونا.

يمكن قراءة المزيد من المقالات العامة والهادفة المختلفة من خلال الضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم أداة مانع الإعلانات

نحن نحاول تقديم المحتوى الأفضل لك ، وحجب الإعلانات من قبلك لا يساعدنا على الإستمرار ، شكراً لتفهمك ، وعذراً على الإزعاج