المخلوق الضئيل آكل الفضول

الكاتبة صفاء حميد
أكتب لأنّ روحي مزدحمة بالكلمات.
نص بعنوان: المخلوق الضئيل آكل الفضول
في داخلي مخلوق صغير بحجم كفة اليد يصحو آخر الليل يبكي و ينكمش على نفسه إنه يدرك أنه بشع ومشوّه وضئيل يدرك أنه وحيد جداً وحيد حتى النخاع.
يختنق بالأشياء لأنه لم يتعلم كيف يبتلع و لو ابتلع فهو عاجز عن الهضم إنه خاوٍ بلا أحشاء، يتذوق فقط.
على رأس لسانه يتذوق طعم الحزن وعلى جانبيه يتذوق طعم الخيبة و في آخر حلقه يتذوق مرارة الوحدة.
إنه مخلوق عاجز ليس له أطراف ولا عيون، لا يعرف كيف هو شكل الأشياء ولا ملمسها ،لا يفهم ماذا يعني اللون ولا ماذا تعني الشوكة والوردة.
في داخلي مخلوقٌ وحيدٌ ضئيل حلقه مهووس بالمرارة لذا يعضّ قلبي كلما سنحت له فرصة، ويصنع لي بأسنانه ساعات كثيرة، فلا أستغرب حين تنسل العقارب من قلبي أحياناً ،فقلبي مستودع ساعات مرّ، يخلقها مخلوق وحيدٌ وضئيل.
أفتح النافذة كل صباح أوجه له عتاباً على قضم قلبي – بدون أن أذكر اسمه فنحن لم نتعارف بعد – لكنّه لا يكترث لعتابي.
طُرِقَ باب حجرتي ليلة أمس وحين فتحته لم يكن هناك أحد عدا أن نظرة عفوية لحذائي أخذت عيني لظرفٌ متروك على العتبة.
الظرف يستقر على الطاولة منذ أسبوع، لقد أكل المخلوق الضئيل فضولي منذ زمن، لكنّه الآن في الداخل يتقيّأ منذ وصل الظرف، تقيأ حبّي للموسيقى، لذا يسمع الحي كله صوت الموسيقى الصادر من حجرتي الآن، ثمّ تقيّأ نباتاتي، واحدة على النافذة واثنتان أمام الباب وكلهن منتعشات، ثمّ تقيّأ رغبتي في القراءة، وحبي للرسم وحركاتي الراقصة وأطباقي المفضلة ووجه حبيبي الأول ووجوهاً أخرى كثيرة.
تقيّأ المخلوق أخيراً فضولي، و بدا مقرفاً -أقصد فضولي لا المخلوق- مجعداً ومستدبراً كثمرة مهترئة و مليئاً باللعاب و يصدر طنيناً مزعجاً على وتيرة واحدة.
المغلف في يدي، أفتحه بفضول وشغف الآن.
في المغلف صورة لمخلوق ضئيل تبدو عليه الوحدة يمسك في يده شيئاً يشبه شيئاً أملس و مستديراً كثمرةٍ ناضجة و يوشك أن يعضّه.
يمكن متابعة كتابات الكاتبة صفاء حميد عبر حسابها الشخصي على موقع الفيسبوك من خلال الضغط هنا
يمكن قراءة المزيد من النصوص الأدبية وعدة أمور في عالم الأدب من خلال الضغط هنا