الزهايمر
الكاتبة نور مؤيد عوّاد
بلغتُ الثامنة والعشرين من العُمر ، لا أتقن شيئاً في حياتي سوى الكتابة.
لستُ إلّا هاوية ، تُحاور أوراقاً كانت صمّاء حتى وهبتها الحياة ، أخلق من حروفي مشاهد ، قد يعيشها البعض .
كان تشجيع مَن حولي لي هو الداعم لبدايتي ، كانت أراؤهم تُغرقني بالمدح والإطراء.
والآن ؛ السؤال الذي أودّ أن أجد إجابته هنا : هل كان ما يُعجبهم هو ما تكتبه نور القريبة والصديقة والرفيقة ، أم النص بحد ذاته لكاتبةٍ غريبة أيّاً كان اسمها !
فسأنشر لمن لا يعرفني .أتقبل النقد البنّاء ، الذي قد يجعل مني كاتبة يوماً ما ..
نص بعنوان: الزهايمر
بدأ الأمر حين كنتُ أبحث عن مفاتيح سيارتي التي صففتها أمس ووضعتُ مفاتيحها في مكانٍ أحفظه جيداً بين أزقةِ بيتي !
بحثتُ كثيراً وزوجتي بحثت معي ، ولم نجده ، وكانت تقرأ سورة الضحى علّني أتذكر أين وضعته بالضبط ..!
ولم أتذكر ، حتى جاء المساء ، وجدتُني كنتُ قد وضعته فوق الثلاجة في المطبخ !
” كلنا بننسى ” كانت هذه الجملة التي قالتها لي زوجتي طيلة ذلك اليوم ، وأنا أتأفف و أتساءل : كيف نسيت !
تكرر موقف مفاتيح السيارة أكثر من مرة.
أين وضعتُ محفظتي !
أين وضعتُ هدية ميلاد ابنتي !
أين صففتُ سيارتي !
أين مفاتيح البيت !
في ذلك اليوم كان المفتاح مازال في الباب ، ونسيت أن أُخرجه ، بقي ليلة كاملة في الباب من الخارج !
حتى جاء السؤال الأقسى ، وسألتُ رجلاً في الشارع : أين أسكن !!
صرتُ لا أخرج من المنزل وحدي ، أخاف ألّا أعود !
هذا كان في أعوام مرّت وكأنها دقائق ..!
واليوم ؛ ها أنا اجلس مع مجموعةٍ من الشبّان لا أعلم من منهم ابني !
لكنّني أرى دموعاً من حولي كلّما حدّثني أحد ..!
أنا لا أبكي ولستُ حزين ، فلماذا يبكون !
أنا الآن كالصفحة البيضاء بين كومة كُتب ، ولا يُزعجني ذلك ، فالنقاء في اللون الأبيض ، والجسد الأبيض والرأس الأبيض ، الطهارة والبراءة ، الطفولة على كِبَر !
هم يُحبّونني ، وهذا فقط ما أحتاجه الآن ، الحُب ..!
لستُ علّامة ، أو فيلسوف ، أو قائد ثورة ، لتهمكم ذاكرتي !
أنا أبٌ للجميع ، إن كانوا أبنائي أم غرباء !
فقط أحبّوني كما أنا ، لأنني أحبّكم جميعاً ..!
يمكن متابعة كتابات الكاتبة نور مؤيد عوّاد عبر حسابها الشخصي على موقع الفيسبوك من خلال الضغط هنا
يمكن قراءة المزيد من النصوص الأدبية وعدة أمور في عالم الأدب من خلال الضغط هنا
